السبت، 3 ديسمبر 2011

الإسلام و القبيلة ، أيهما أولاً














بسم الله الرحمن الرحيم 

  "لست حقوقياً ولا أديباً ، مهتم بكل شيء و لا أهتم لشيء ، أفعالي أفصح من لساني ; (قحطاني) و انتمائي لديني ثم وطني ،،،"
ما سبق كان اقتباساً من سيرتي في صفحتي الخاصه على تويتر ، أكثر من شخص استنكروا و اعتقدوا أني أشجع على العصبيّة القبليّة و هو عكس ما قصدته تماماً بقولي انتمائي لديني ثم وطني حيث أن اسم القبيلة لا يعني لي أكثر من اسم فقط . 
العصبيّة القبليّة هي وجه من أوجه العنصرية التي أنبذها و ينبذها الكثير و مع ذلك يطبقونها و هم لا يعلمون ، جميل أن نرى ذلك النوع من التلاحم بين الأقارب و أبناء القبيلة الواحدة و مؤازرتهم لبعضهم في الرخاء و الشدة ، و جميلٌ ذلك الشعور عندما تعلم بأنك ستجد المُعين بعد الله عندما تصيبك شدة من شدائد الزمان ، و لكن ألن يكون ذلك الشعور أجمل و أقوى عندما تعلم أن الدائرة أوسع من محيط قبيلتك أو أبناء منطقتك ؟ نعم هذه الدائرة تتسع لأكثر من مليار و نصف نسمة كلهم يجمعهم رابط الأخوة في الإسلام ، قال صلى الله عليه و سلم :" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " . 

ندّعي دائماً التزامنا بتعاليم الدين و اتّباعنا لسنّة المصطفى صلوات الله و سلامُه عليه ، و لكن عندما يأتي الأمر للعادات و التقاليد فإنّنا ننسى أنفسنا و ننسى محاضراتنا و ما نلقّنه أطفالنا كل يوم "لا فرق بين عربي و أعجمي إلّا بالتقوى" 
أوجُه العصبيّة القبلية كثيرة و تتجلّى بشكل كبير في مجتمعنا عندما يتعلّق الموضوع بالزواج ، و يعلّل الكثيرين عنصريتهم في الزواج بأن رسول الله دعى إلى تكافؤ النسب بين الزوجين ، و هو ما قد يحتمل تفاسير مختلفة و الفتاوى الشرعية منتشرة في هذا الحديث ، لكن ما عرفناه عن الإسلام أنّه دين حب و تسامح و أي عاقل سيؤكد لك أن التفريق بين الزوجين و تدمير منازل فوق أهلها (بحجة هذا ليس من قبيلتنا أو هذا ليس قبيليً) لا يمتّ للإسلام بأي صلة لا من قريب ولا من بعيد ، و قد يكون أكبر رد لهؤلاء ما ورد في السنّة النبوّية عندما زوّج الرسول - صلى الله عليه و سلم ـ مولاه زيد بن حارثة من ابنة عمته زينب بنت جحش رضي الله عنهم ، و هي من سلالة كبار القوم في ذلك الحين من جهة والدها و والدتها .
قال ـ صلّى الله عليه و سلّم ـ :" دعوها فإنها مُنتنة " ، وصفها بوصف يذكر لوصف الخباثة و الكراهية ، فهل اتّعضنا و تركناها بعد ما وجّهنا لذلك أفضل الخلق ؟ أم أنّنا أقمنا حفلات شعرية و ملايين تُصرف لدعم هذا التّوجه ؟ أم قمنا بإنشاء القنوات الفضائية المخصصة لتأجيج الكُره و العداوة بين القبائل ؟ كيف تستطيع أن تُفضّل شخصاً على آخر لأنّه من قبيلة تختلف عن قبيلته ؟ ألا نعلم أنّ جميع البشر من كل القبائل و حتى من يسمّونهم بالخضيريين ( من لا ينتموا لقبيلة معروفة ) يلتقون في نسبٍ واحد و يرجعون لجدٍ واحد اسمهُ آدم - عليه السلام - ؟ ألسنا نعيش في زمنٍ يُشبه كثيراً زمنَ الجاهلية الأولى ؟ على الأقل هم أفضل منّا لأنّهم لم يكن لديهم وقتها جوازات كُتب عليها الديانة : مُسلم !!
دخلنا في السنة الثالثة و الثلاثين بعد الألف و الأربعمائة من هجرة الرسول صلى الله عليه و سلم ، و نعيش في وسط طفرة حضاريّة و تقنيّة لم يسبق  لها مثيل ، و نملك في مجتمعنا جيلاً جديداً من الشباب الواعي و المثقّف القادر على التفكير البنّاء و تكوين أُسس جديدة نبني عليها مستقبل وطننا ، يا أيّـها المؤمنون : دعُونا نترك ما وجدنا عليهِ آبائنا يفعلون و نقتدي بالحبيب عليه الصلاة و السلام فهو خيرُ من نقتدي بهِ و خيرُ من نمتثل لأوامره و نجتنب ما نهى عنه .

هناك 3 تعليقات:

  1. يعطيك العافية .. كلان جدا رائع

    ردحذف
  2. كلام صحيح وواقعي ومنطقي ولكن أكثر الناس لايفقهون :(

    قال تعالى:(ان جعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عن الله أتقاكم)

    لتعارفوا مو لتتفاخروا
    والمقياس الحقيقي التقوى
    من اللحظة اللي تنحط فيها بقبرك انت والعبد والخضيري كلكم سوا لاقبيلتك نفعتك ولا غيرها

    وبلال بن رباح كان من اخيار الصحابة وخير من ملايين القبائل وهو عبد أسود من الحبشة وأحد المبشرين بالجنة وصاحب النبي صلى الله عليه وسلم

    للأسف رغم كل التطور ورغم كل اللي وصلنا له الا اننا لازلنا على هالتخلف اللي اسمه عصبية قبلية

    المفروض نكون احنا جيل التغيير وتغير هالعادة لكن للاسف لاتغيير ولاتطور

    شكرا اخوي ريان موضوعك أعجبني جدا ومن أكثر المواضيع اللي تثيرني في المجتمع
    الله يصلح الحال :)

    عذرا على الاطاله

    ردحذف
  3. .


    لَـ رُبّما ضحِكتُ فِي بادِئ الأمر أ.ريّان !
    حِينما قرأتُ مقالِك الذِي خُطّ بِـ ماءِ الذّهَبَ شَعَرتُ أنّكَ تتحدّثُ بِـ لِسانِي‘ ؛)

    أنا مِمّن يُقالُ عنهُم الخضِيرِيّة ، ولَيْسَ الفَتَى مَن قال كان أبِي‘ ..
    أغتَرِبُ فِي حفرِالباطِن ، مُحافَظَة ملِيئة بِـ القبائِل والعصبيّة القبليّة !

    لكِن وربّك الذِي رفَعَ السّماء يا أ.ريّان ، كُلّ مَن يُعاشِرنا يجِدُ فِينا مالا يجِدهُ بـ قبِيلتِهِ مِن حُسْن خُلُق وجِيرة !
    لا أقُولُ هذا مِن بابِ الغُرُور فـ الرّسُول صلى الله عليهِ وسلّم يقول : " لا يدخُل الجنّة من كان فِي قلبِهِ مِثقال ذرّةٍ مِن كِبْر " .
    لكِن كـ دلِيل قدّمتهُ لَك لـ أُخبِرك بـ ردّة فِعْل مَن يسألونِي‘ أو يسألُوا أهلِي‘أو أيّاً كان " لِـ أيّ القبائِلِ تنتَمُون ؟ "
    ونُجِيبُهُم بـ ما أرادُوه كـ ردّ فِعل طبِيعِي‘ ...
    لكِن لَكَ أن تتخيّل مدَى بجَاحةِ المنطِق !
    إمّا " لا لا مُستحِيل تكُونوا خضيريين " .
    أو " أها .. " وبعدها يبدؤوا بـ النّفُور !
    أو " لا ما يصِير أصلاً الخضِيريِين ما يقُولُون عن أنفُسهم خضِيريِين " .
    والمُضحِك أنّي تعرّضتُ مرّةً لـ نفسِ المَوقِف مِن قِبل مُعلّمة في مرحلتِي‘ الثّانويّة وقالت :
    " إذاً سـ أنسُبك لـ قبِيلتنا " وكـ أنّني‘ أحتاج هذا =)

    كُلّكُم لـ آدم ، وآدم مِن تُراب ...
    ولا أحَد يعترِف بـ هذهِ السّخافة سِوَى خلِيجُنا الذِي تقُولُوا عنهُ بِـ أنّهُ " واحِد " !

    مُثِير لـ الشّفَقَة جدّاً !

    أعتذِر على فظَاظةِ الأُسلُوب وسُوء المَنطِق ...
    لكنّما هُوَ شَيءٌ أردت لفظِه مِن قلبِي‘ !

    الشّكْرُ لَك سيّدِي‘ ، كُن بـ خيرٍ ما حيِيت ~"

    ردحذف