الجمعة، 20 أبريل 2012

عصر النت ..


بسم الله الرحمن الرحيم 




مما لا شك فيه أن التطور العلمي و التقدم التقني في ظل عصر الإنترنت و التواصل السريع قد وصل مراحل متقدمة لم تخطر على بالِ أحد ، فلنا أن نتخيل أنّه قبل عشرين سنة فقط كان من يُسافر للولايات المتحدة الأمريكية لِغرضِ العمل أو الدراسة كانت وسيلة تواصلهِ المعتادة مع أهله بإرسال الرسائل البريدية و قد يُرفق معها شريط فيديو مُصوّر أو تسجيل صوتي يُطمئِن أهله عنهُ و يُمدهم بأخبارهِ ، أمّا الآن فكل ما عليه هو أن يخرج قطعة معدنية من جيبه و يضعها أمَامهُ ليُخاطب من يشاء بالصوت و الصورة كأنه أمامه.
هذه الثورة العلمية في التقنية (كما يمكن أن نسميها) فرضت نفسها على أرض الواقع و أصبح الكبير قبل الصغير لا يستطيع الإستغناء عنها لِمَا تُتِيح لهُ من فضاء حُر يخدم جميع الأذواق و التوجهات. 
إستغلال هذه التقنية في نشر فكر معيّن أو استخدامها كوسيلة وعْظ و إرشاد أو لمجرد التسلية حقٌ للجميع ما لم يترتب عليه إيذاء أو تعدّي.
الإنفتاح الكبير الذي نشهده هذهِ الأيام و الحرية الكبيرة في الطرح و التلقي أَنهيَا عصر الإنغلاق و الوصاية و المنع ، و صار من السهلِ الوصول لأيّ معلومة و قراءَة أيّ كتابٍ و مشاهدةَ أيّ فلمٍ في العالم بضغطةِ زرّ ، لذلك ليس من الحكمة أن تفرِضَ على أبناءِك سواءً كانوا أطفالاً أو مراهقين أي مادةٍ علميةً كانت أو ترفيهية. 
افتح المجال لهم و أعطِهم الحرية في اختيارِ ما يرونَه مُناسباً ، بعدَ أن تزرع فيهم القيمَ و المبادئ التي تساعدهم على التمييز بين الغثّ و السمين. 
( لا تأمُرني أن أمتنع عن تناول السمّ كي لا أموت ، فهّمني و علّمني ما هو السمّ و دعِ الإختيار لي ) 

السبت، 3 ديسمبر 2011

الإسلام و القبيلة ، أيهما أولاً














بسم الله الرحمن الرحيم 

  "لست حقوقياً ولا أديباً ، مهتم بكل شيء و لا أهتم لشيء ، أفعالي أفصح من لساني ; (قحطاني) و انتمائي لديني ثم وطني ،،،"
ما سبق كان اقتباساً من سيرتي في صفحتي الخاصه على تويتر ، أكثر من شخص استنكروا و اعتقدوا أني أشجع على العصبيّة القبليّة و هو عكس ما قصدته تماماً بقولي انتمائي لديني ثم وطني حيث أن اسم القبيلة لا يعني لي أكثر من اسم فقط . 
العصبيّة القبليّة هي وجه من أوجه العنصرية التي أنبذها و ينبذها الكثير و مع ذلك يطبقونها و هم لا يعلمون ، جميل أن نرى ذلك النوع من التلاحم بين الأقارب و أبناء القبيلة الواحدة و مؤازرتهم لبعضهم في الرخاء و الشدة ، و جميلٌ ذلك الشعور عندما تعلم بأنك ستجد المُعين بعد الله عندما تصيبك شدة من شدائد الزمان ، و لكن ألن يكون ذلك الشعور أجمل و أقوى عندما تعلم أن الدائرة أوسع من محيط قبيلتك أو أبناء منطقتك ؟ نعم هذه الدائرة تتسع لأكثر من مليار و نصف نسمة كلهم يجمعهم رابط الأخوة في الإسلام ، قال صلى الله عليه و سلم :" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " . 

ندّعي دائماً التزامنا بتعاليم الدين و اتّباعنا لسنّة المصطفى صلوات الله و سلامُه عليه ، و لكن عندما يأتي الأمر للعادات و التقاليد فإنّنا ننسى أنفسنا و ننسى محاضراتنا و ما نلقّنه أطفالنا كل يوم "لا فرق بين عربي و أعجمي إلّا بالتقوى" 
أوجُه العصبيّة القبلية كثيرة و تتجلّى بشكل كبير في مجتمعنا عندما يتعلّق الموضوع بالزواج ، و يعلّل الكثيرين عنصريتهم في الزواج بأن رسول الله دعى إلى تكافؤ النسب بين الزوجين ، و هو ما قد يحتمل تفاسير مختلفة و الفتاوى الشرعية منتشرة في هذا الحديث ، لكن ما عرفناه عن الإسلام أنّه دين حب و تسامح و أي عاقل سيؤكد لك أن التفريق بين الزوجين و تدمير منازل فوق أهلها (بحجة هذا ليس من قبيلتنا أو هذا ليس قبيليً) لا يمتّ للإسلام بأي صلة لا من قريب ولا من بعيد ، و قد يكون أكبر رد لهؤلاء ما ورد في السنّة النبوّية عندما زوّج الرسول - صلى الله عليه و سلم ـ مولاه زيد بن حارثة من ابنة عمته زينب بنت جحش رضي الله عنهم ، و هي من سلالة كبار القوم في ذلك الحين من جهة والدها و والدتها .
قال ـ صلّى الله عليه و سلّم ـ :" دعوها فإنها مُنتنة " ، وصفها بوصف يذكر لوصف الخباثة و الكراهية ، فهل اتّعضنا و تركناها بعد ما وجّهنا لذلك أفضل الخلق ؟ أم أنّنا أقمنا حفلات شعرية و ملايين تُصرف لدعم هذا التّوجه ؟ أم قمنا بإنشاء القنوات الفضائية المخصصة لتأجيج الكُره و العداوة بين القبائل ؟ كيف تستطيع أن تُفضّل شخصاً على آخر لأنّه من قبيلة تختلف عن قبيلته ؟ ألا نعلم أنّ جميع البشر من كل القبائل و حتى من يسمّونهم بالخضيريين ( من لا ينتموا لقبيلة معروفة ) يلتقون في نسبٍ واحد و يرجعون لجدٍ واحد اسمهُ آدم - عليه السلام - ؟ ألسنا نعيش في زمنٍ يُشبه كثيراً زمنَ الجاهلية الأولى ؟ على الأقل هم أفضل منّا لأنّهم لم يكن لديهم وقتها جوازات كُتب عليها الديانة : مُسلم !!
دخلنا في السنة الثالثة و الثلاثين بعد الألف و الأربعمائة من هجرة الرسول صلى الله عليه و سلم ، و نعيش في وسط طفرة حضاريّة و تقنيّة لم يسبق  لها مثيل ، و نملك في مجتمعنا جيلاً جديداً من الشباب الواعي و المثقّف القادر على التفكير البنّاء و تكوين أُسس جديدة نبني عليها مستقبل وطننا ، يا أيّـها المؤمنون : دعُونا نترك ما وجدنا عليهِ آبائنا يفعلون و نقتدي بالحبيب عليه الصلاة و السلام فهو خيرُ من نقتدي بهِ و خيرُ من نمتثل لأوامره و نجتنب ما نهى عنه .